الأشهر الحرم: فضلها و سبب التسمية

يمكنك التبرع باستخدام (أبل باي) باستخدام متصفح سفاري

الأشهر الحرم: فضلها و سبب التسمية

الأشهر الحرم: فضلها و سبب التسمية

في زحمة الأيام وتسارع الشهور، هناك أوقات لا تمر كباقي الأيام...
أوقات اصطفاها الله من بين الزمان، ورفع من قدرها، وخصّها بحرمات لا تُنتهك.

الأشهر الحُرُم ليست مجرد تواريخ على التقويم، بل هي مواسم إلهية تفيض فيها الرحمات، ويتضاعف فيها الأجر، وتُمحى فيها الذنوب لمن أقبل بقلبه وأحسن عمله.

هي دعوة من السماء لوقف العجلة، لمراجعة النفس، وللبدء من جديد.

فيها تُفتح أبواب الحرم، وتُشد الرحال إلى بيت الله، وتُبذل الصدقات، وتُرفع الأكف، وتُغفر الزلات.

ولأن فضلها عظيم، ومعناها أعمق من مجرد أسماء، دعنا نغوص سويًا في سر هذه الأشهر:  لماذا سمّاها الله حُرُمًا؟ وما الذي يجعلها مختلفة؟ و كيف نستقبلها؟ وبأي عمل نُحييها؟
وكيف يمكن أن نكون فيها ممن يسقون حاجًا، أو يطعمون معتمرًا، أو يغتنمون ساعةً يرضى الله فيها عن عباده؟,تابع القراءة.

تبرع لسقيا ضيوف الرحمن 

ما هي الأشهر الحرم؟

الأشهر الحرم هي أربعة أشهر في السنة الهجرية قد خصها الإسلام بمكانة عظيمة وحرّم فيها القتال إلا للدفاع عن النفس، وهي:

  • رجب: الشهر المنفرد الذي يقع بين جمادى الآخرة وشعبان

  • ذو القعدة: بداية موسم الحج المبارك

  • ذو الحجة: شهر الحج الأكبر وعيد الأضحى

  • المحرّم: بداية العام الهجري وشهر عاشوراء

الثلاثة الأخيرة تأتي متتالية، بينما يأتي رجب منفرداً وسط العام، وكأن الله عز وجل أراد أن يوزع البركة والفضل على أشهر السنة لتبقى قلوب المؤمنين معلقة بالطاعة والعبادة.


سبب تسمية الأشهر الحرم بهذا الاسم

تُسمى هذه الأشهر بـالأشهر الحرم لعدة أسباب مقدسة ومحكمة:

الحرمة التاريخية

منذ الجاهلية كان العرب يُحرّمون القتال في هذه الأشهر لتيسير الحج والتجارة، فكانت بمثابة "أوقات سلام" يأمن فيها الناس على أنفسهم وأموالهم. هذا التقليد النبيل الذي وُجد قبل الإسلام كان بمثابة إرهاصة لما سيأتي من تشريع رباني.

التأكيد الإسلامي للحرمة

جاء الإسلام ليؤكد هذه الحرمة ويرفعها إلى مستوى التشريع الإلهي. يقول الله تعالى: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ... فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ" [التوبة: 36].

الحديث النبوي الشريف

في الحديث المتفق عليه، قال النبي ﷺ: "السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعةٌ حُرُم... رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم".

ساهم في مشروع الصدقة اليومية لسقيا وإفطار ضيوف الرحمن 



فضل الأشهر الحرم

1. التعظيم الإلهي للأشهر الحُرم

عظّم الله تعالى الأشهر الحرم في كتابه الكريم، فقال  تعالى ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36]، وهذا دليل قاطع على مكانتها العالية وقدرها العظيم عند الله.

ذكر النبي ﷺ أن هذه الأشهر من أحب الأزمنة إلى الله، وخاصة شهر ذي الحجة الذي يشهد موسم الحج الأكبر ووقوف الحجاج على صعيد عرفات.

2. مضاعفة الثواب والأجر

في هذه الأشهر المباركة، تتضاعف الأعمال الصالحة ويعظم أجرها عند الله عز وجل، كما أن الذنوب والمعاصي تكون أشد إثماً وأعظم وزراً لحرمة هذا الوقت المبارك.

يقول الإمام القرطبي وابن كثير رحمهما الله أن العقاب والثواب مضاعفان في هذه الأشهر بسبب تعظيم الله لها وجعلها أوقاتاً مقدسة.

3. ارتباطها بمناسك الحج والعمرة

شهور ذو القعدة وذو الحجة والمحرّم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بموسم الحج المبارك، حيث يتوافد الملايين من المسلمين من جميع أنحاء العالم لأداء هذه الفريضة العظيمة، بينما يُعتبر شهر رجب فرصة ذهبية لأداء العمرة في منتصف السنة.

4. الأعمال المخصوصة والعبادات المميزة

  • صيام المحرّم: يُعتبر أفضل الصيام بعد رمضان

  • عشر ذي الحجة: من أفضل أيام العمل الصالح في السنة

  • يوم عرفة: يوم المغفرة والعتق من النار

  • عاشوراء: صيامه يكفر ذنوب السنة الماضية


أفضل الأعمال في الأشهر الحرم

العبادات والطاعات

  • الإكثار من الصلاة والدعاء: خاصة في الأوقات المستجابة

  • تلاوة القرآن الكريم: بتدبر وخشوع

  • الذكر والتسبيح: إحياء القلب بذكر الله

  • الصدقة والزكاة: تطهير للمال والنفس

الاستعداد الروحي

استغلال شهري رجب والمحرم للاستعداد الروحي لشهر رمضان المبارك، فهما بمثابة تمهيد وتهيئة للنفس لاستقبال شهر الصيام والقيام.

الابتعاد عن المعاصي

كف الأذى والظلم والالتزام بقواعد السلام والأمان، فالمعصية في هذه الأوقات أعظم وزراً وأشد عقاباً.


الأشهر الحرم في القرآن والسنة

في القرآن الكريم

ورد ذكر الأشهر الحرم في عدة مواضع من القرآن الكريم، مما يؤكد على عظم مكانتها: قوله تعالى: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ" [التوبة: 36].

هذه الآية الكريمة تُوضح بجلاء وجود أربعة أشهر مميزة ومقدسة، كما تحث المؤمنين على تجنب الظلم بجميع أشكاله في هذه الأوقات المباركة.

وقوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ" [البقرة: 217].

في السنة النبوية المطهرة

روى البخاري ومسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "السنة اثنا عشر شهراً منها أربعةٌ حُرُم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرّم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان".

هذا الحديث الشريف يُفصّل لنا الأشهر الحرم بوضوح تام:

  • الأشهر المتوالية: ذو القعدة → ذو الحجة → المحرّم

  • الشهر المنفرد: رجب مضر


مضاعفة الثواب والعقاب في الأشهر الحرم

مضاعفة الثواب

الأعمال الصالحة في الأشهر الحرم لها أجر عظيم ومضاعف، وذلك لما دلت عليه النصوص الشرعية من تعظيم هذه الأوقات المباركة. فالصدقة في هذه الأشهر أعظم أجراً، والدعاء أقرب إجابة، والعبادة أكثر قبولاً.

تخيل الأجر العظيم الذي تحصل عليه عندما تشارك في سقيا الحجاج وإطعامهم في هذه الأوقات المقدسة إنه استثمار في الآخرة بأعلى عوائد ممكنة.

تعظيم العقاب

كما يتضاعف الثواب، فإن العقاب أيضاً يعظم في هذه الأشهر، الذنوب والمعاصي تكون أعظم وزراً وأشد عقاباً لحرمة هذا الوقت المبارك.

يقول الإمام قتادة رحمه الله: "الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم فيما سواها".

لكن المهم أن نفهم أن السيئات لا تُضاعف بالمعنى الحرفي كما تتضاعف الحسنات، وإنما يُثقل وزرها ويعظم إثمها لعلو قدر الزمان والمكان.

ساهم في مشروع عربة ضيف الرحمن

من أسئلة زوارنا 

هل يجوز الزواج في الأشهر الحرم؟

الجواب: نعم، يجوز تماماً عقد النكاح أو الخطبة في الأشهر الحرم بشرط أن لا يكون الشخص في حالة إحرام (كحاج أو معتمر محرم).

الدليل الشرعي:

  • إذا كان الشخص محرماً فلا يجوز له النكاح، لقول النبي ﷺ: "لا يَنْكِح المحرم ولا يُنكِح ولا يخطب"

الخلاصة: يجوز عقد النكاح في الأشهر الحرم ما عدا إذا كان الشخص محرماً، ولا يُعد ذلك مكروهاً أو محرماً شرعاً، بل إن الاعتقاد بتحريمه من بقايا الجاهلية.

ما هي مكفرات الذنوب في الأشهر الحرم؟

في الأشهر الحرم تعظم العقوبة على المعاصي كما تتضاعف الحسنات، لذا من المهم معرفة مكفرات الذنوب في هذه الأوقات المباركة:

المكفرات الأساسية:

  1. التوبة النصوح: الندم على الذنب والعزم على عدم العودة إليه

  2. الاستغفار المستمر: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً"

  3. الصدقة والزكاة: "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار"

  4. الأعمال الصالحة: خاصة خدمة ضيوف الرحمن والمساهمة في سقايتهم وإطعامهم

  5. الابتعاد عن أسباب المعصية: قطع الطريق المؤدي إلى الذنب

ساهم في مشاريع السقيا والإطعام مع جمعية ضيوف الرحمن، واحتسب الأجر في خدمة من أكرمهم الله بلقب "ضيوف الرحمن"... لعلها تكون لك بابًا إلى الشفاعة والرضوان.

اقرأ ايضا: فضل شهر محرم

مشاريع تنتظر دعمكم