يمكنك التبرع باستخدام (أبل باي) باستخدام متصفح سفاري
مكة المكرمة
0555605437
هل تساءلت يوماً عن ذلك الحجر المقدس الذي يتسابق الملايين من المسلمين لتقبيله والتبرك به خلال رحلة الحج والعمرة؟
إنه الحجر الأسود - جوهرة الكعبة المشرفة وقبلة قلوب المؤمنين من كل أنحاء العالم.
في هذا المقال، ستكتشف كل ما تحتاج معرفته عن هذا الأثر المقدس الذي نزل من الجنة. ستتعرف على قصته الرائعة منذ عهد سيدنا آدم وإبراهيم عليهما السلام، وسر تحوله من البياض الناصع إلى السواد الذي نراه اليوم. كما ستفهم الحكمة الإلهية وراء تقبيله، والأجر العظيم الذي ينتظر من يستلمه بنية صادقة، لن تكون رحلتك القادمة إلى بيت الله الحرام كما كانت من قبل، فستقف أمام الحجر الأسود وأنت تدرك عمق معناه وعظمة مكانته.
بقطرة ماء تُطفئ غضب الله شارك في سقيا الماء في الحرم تحت حر الشمس
الحجر الأسود هو صخرة مقدسة موضوعة في الركن الشرقي من الكعبة المشرفة، ويُعتبر من أهم المعالم في طقوس الطواف الإسلامية، هذا الحجر الكريم ليس مجرد قطعة من الصخر العادي، بل هو أثر مقدس له مكانة عظيمة في قلوب المسلمين جميعاً.
يتكوّن الحجر اليوم من عدة أجزاء مكسّرة محفوظة بعناية فائقة داخل إطار من الفضة الخالصة. يبلغ متوسط قطر الجزء المرئي منه حوالي 20-30 سم، ويرتفع نحو 1.5 متر عن سطح المطاف، مما يجعله في متناول أيدي الطائفين الذين يأتون من كل فج عميق.
من الناحية العلمية، يرى بعض الباحثين أنه قد يكون حجراً نيزكياً أو حجراً زجاجياً ناتجاً عن اصطدام مذنب بالأرض، لكن الأصل العلمي الدقيق لم يثبت بعد. والأهم من ذلك كله هو المكانة الروحانية والدينية التي يحتلها في قلوب المؤمنين.
تحمل تسمية الحجر الأسود بهذا الاسم قصة مؤثرة تجعل القلب يرتجف من عظمة الخالق وحكمته البالغة، فهذا الحجر المبارك لم يكن دائماً بهذا اللون الأسود الذي نراه اليوم.
تخبرنا الأحاديث النبوية الشريفة أن الحجر نزل من الجنة وكان في أصله أشد بياضاً من اللبن والثلج، يتلألأ بنور الجنة الخالد. لكن مع مرور الزمن وتراكم خطايا وذنوب بني آدم، تحول لونه تدريجياً إلى السواد الذي نشاهده اليوم.
ورد في الحديث الشريف عن النبي ﷺ: "نزل الحجر الأسود من الجنة أبيض من الثلج فسودته خطايا بني آدم"، وفي رواية أخرى: "أشد بياضاً من اللبن فسودته خطايا بني آدم".
هذا التحول في اللون ليس مجرد تغيير فيزيائي، بل هو رمز عميق لتأثير أعمال البشر على العالم من حولهم، ومما يثير الدهشة أن بعض المصادر تذكر أن الجزء المغروس داخل بناء الكعبة لا يزال يحتفظ ببياضه الأصلي، بينما الجزء الظاهر للعيان هو الذي تأثر بسواد الخطايا.
عندما تقف أمام الحجر الأسود لأول مرة، ستشعر بهيبة وجلال لا يوصفان، فهذا الأثر المقدس له مظهر مميز يجذب الأنظار ويأسر القلوب.
يتخذ الحجر شكلاً بيضاوياً جميلاً، قُطره حوالي 30 سم، ويقع في الركن الجنوبي الشرقي من الكعبة المشرفة من الخارج، موقعه على ارتفاع يقارب 1.5 متر عن سطح المطاف يجعله في متناول معظم الحجاج والمعتمرين.
الحجر اليوم مكون من أجزاء متعددة - ثماني قطع ظاهرة مختلفة الأحجام، أصغرها تقريباً بحجم حبة التمر. هذه القطع مرتبطة ومحاطة بحلقة من الفضة الخالصة التي تحفظها وتحميها من التلف.
لون الحجر اليوم مظلم، أسود مائل إلى الحمرة قليلاً، وهو اللون الذي اكتسبه عبر القرون من تأثير خطايا البشر كما أخبرنا الحديث الشريف. لكن الجزء المخفي داخل جدار الكعبة، بحسب الروايات التقليدية، لا يزال أبيض كما كان عند نزوله من الجنة.
تحكي قصة الحجر الأسود فصولاً مذهلة من تاريخ الإسلام والبشرية جمعاء، فهذا الحجر الكريم شاهد على أحداث عظيمة وتقلبات تاريخية مهمة.
أكد العلماء الأجلاء مثل الشيخ ابن باز رحمه الله أن أصل الحجر من الجنة، استناداً إلى الحديث الشريف: "الحجر الأسود من حجارة الجنة... وكان أبيض كالمها ولم يكن فيه عاهة إلا ما مسه أهل الشرك".
هذا الأصل السماوي يفسر المكانة الخاصة التي يحتلها في قلوب المؤمنين، فهو ليس مجرد حجر أرضي، بل قطعة من الجنة أنزلها الله تعالى لتكون علامة مقدسة في بيته الحرام.
من أروع المواقف في تاريخ الحجر ما قاله الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قبّله: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي ﷺ يقبّلك ما قبّلتك".
هذا الموقف العظيم يوضح الفهم الصحيح للتعامل مع الحجر - فالمسلم يقبّله اتباعاً لسنة النبي ﷺ وليس اعتقاداً في أن الحجر ينفع أو يضر بذاته.
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله قواعد التعامل مع الحجر، مؤكداً على اتباع السنة النبوية: التقبيل أولاً إن أمكن، وإذا لم يتمكن الإنسان من ذلك بسبب الزحام يمسحه بيده ثم يقبل يده، وإذا لم يتمكن من المسح يشير إليه بيده.
الحجر الأسود ليس مجرد حجر في بناء الكعبة المشرفة، بل له مكانة عظيمة وأهمية شرعية وروحانية تتجلى في جوانب متعددة تجعل قلب كل مسلم يهفو إليه.
يُعتبر الحجر نقطة البداية والنهاية لكل شوط من أشواط الطواف السبعة، فالطائف يبدأ طوافه من عنده وينهي كل شوط عنده، مما يجعله المرجع والدليل لصحة الطواف وكماله.
من أعظم فضائل الحجر ما ورد في الحديث الشريف: "يأتي الحجر يوم القيامة وله عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد لمن استلمه بحق". فأي شرف أعظم من أن يشهد لك هذا الحجر المبارك أمام الله تعالى يوم الدين؟
قال النبي ﷺ: "إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً". فاستلام الحجر وتقبيله ليس مجرد طقس، بل عبادة عظيمة تمحو الذنوب وتطهر القلوب.
استلام الحجر وتقبيله يؤكد معنى التوحيد الخالص، فالمسلم لا يعبد الحجر ولا يعتقد فيه النفع والضر، بل يقبّله امتثالاً لأمر الله واتباعاً لسنة رسوله ﷺ.
شهد الحجر الأسود عبر التاريخ أحداثاً جساماً ومحناً عظيمة، لكنه بقي شامخاً محفوظاً بحفظ الله تعالى، وهذه بعض أبرز المحطات التاريخية:
في حوالي عام 605 م، قبل نزول الوحي بخمس سنوات، أعادت قريش بناء الكعبة واختلفت القبائل على شرف وضع الحجر في مكانه، فاتفقوا على أن يحكم بينهم أول داخل عليهم، فكان ذلك محمد ﷺ قبل بعثته، فحكم بحكمته أن ترفع كل القبائل الحجر على رداء، ثم وضعه بيديه الشريفتين في موضعه.
في عام 317 هـ (930 م)، تعرض الحجر لأعظم محنة في تاريخه عندما هاجمت جماعة القرامطة مكة المكرمة واقتلعوا الحجر من مكانه، احتجزوه في الإحساء والكوفة لمدة 22 سنة كاملة، قتلوا خلالها آلاف الحجاج، لم يُعد الحجر إلى مكانه إلا عام 339 هـ بعد دفع فدية ضخمة.
عبر التاريخ، تعرض الحجر لعدة حوادث أدت إلى تكسيره وتصدعه، منها الحريق في عهد عبد الله بن الزبير، وقصف الحجاج بن يوسف للكعبة، في كل مرة، كان المسلمون يسارعون لترميمه وحفظه بأفضل ما يمكن.
وفّر وسيلة راحة لكبار السن وذوي الإعاقة من خلال مشروع عربة ضيف الرحمن
تولي المملكة العربية السعودية، خادمة الحرمين الشريفين، عناية فائقة ومتميزة بـالحجر الأسود باعتباره من أقدس المقدسات الإسلامية.
منذ عهد الملك خالد رحمه الله عام 1399هـ، ثم الملك فهد عام 1422هـ، تقوم المملكة بتجديد الإطار الفضي المحيط بالحجر باستخدام أجود أنواع الفضة الخالصة، مع تطبيق أعلى معايير الجودة والحرفية.
تستخدم الهيئة العامة لشؤون المسجد الحرام أحدث التقنيات في فحص وصيانة الحجر، بما في ذلك استخدام مواد متخصصة مثل خليط الشمع والمسك والعنبر لترميم أي ثغرات قد تظهر.
أنتجت المملكة صوراً فائقة الدقة للحجر تزيد عن 49 ألف ميغابيكسل باستخدام تقنية Focus Stack Panorama، استغرقت 7 ساعات تصوير وأسبوع معالجة، مما يساهم في الحفظ التاريخي والعلمي.
وضعت المملكة أنظمة دقيقة لتنظيم حركة الحجاج والمعتمرين أثناء استلام الحجر، مع توفير حراس مدربين لضمان سلامة الزوار والحفاظ على الحجر في الوقت نفسه.
تتجلى معجزات الحجر الأسود في عدة جوانب روحانية ومعنوية عظيمة، أولاً، أصله السماوي حيث نزل من الجنة أبيض اللون ثم اسودّ بخطايا البشر كما ورد في الحديث الشريف، ثانياً، الحديث النبوي الذي يخبر أنه سيأتي يوم القيامة "وله عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق".
كما أن بعض الروايات تذكر أنه بمثابة "يمين الله في الأرض"، في إشارة رمزية لعظمة مكانته. لكن الأهم من كل ذلك هو التأكيد على أن الحجر لا ينفع ولا يضر بذاته، وإنما البركة في اتباع سنة النبي ﷺ في تقبيله واستلامه.
الحكمة من تقبيل الحجر الأسود تكمن في عدة جوانب إيمانية مهمة، أولها اتباع سنة النبي ﷺ والامتثال لهديه الشريف، فكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ولولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبّلك ما قبّلتك".
ثانياً، إنه نوع من أنواع ذكر الله تعالى أثناء الطواف، سواء بالقول أو بالفعل، ثالثاً، تكفير الذنوب كما ورد في الحديث: "إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً".
رابعاً، تجديد العهد مع الله والتذكير بمنزلة هذا المكان المقدس، وأخيراً، التمييز بين التعبد الصحيح لله وحده وبين التبرك المخل بالتوحيد، فالمسلم يقبل الحجر طاعة لله لا اعتقاداً في نفع الحجر ذاته.
أجر لمس الحجر الأسود عظيم ومتنوع بحسب ما وردت به الأحاديث النبوية الشريفة، أولاً، تكفير الذنوب والخطايا، كما في الحديث: "إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً".
ثانياً، ثواب اتباع سنة النبي ﷺ والاقتداء به، وهذا في حد ذاته أجر عظيم عند الله تعالى، ثالثاً، شهادة الحجر للمستلم يوم القيامة، حيث سيأتي بعينين ولسان يشهد لمن استلمه بحق.
رابعاً، الأجر المعنوي العظيم من تعظيم شعائر الله والتقرب إليه في هذا المكان المبارك، المهم هو أن يكون اللمس والتقبيل بنية صادقة وإيمان خالص، بدون غلو أو اعتقاد خاطئ في قدرات خارقة للحجر ذاته.
ساهم مع جمعية ضيوف الرحمن في مشاريع الخير داخل الحرم، وكن من الساعين لراحة الحجاج والمعتمرين.